صفحة جزء
[ ص: 601 ] فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا

فقتله : قيل: كان قتله فتل عنقه، وقيل: ضرب برأسه الحائط، وعن سعيد بن جبير : أضجعه ثم ذبحه بالسكين.

فإن قلت: لم قيل: حتى إذا ركبا في السفينة خرقها بغير فاء؟ و حتى إذا لقيا غلاما فقتله : بالفاء؟

قلت: جعل خرقها جزاء للشرط، وجعل قتله من جملة الشرط معطوفا عليه، والجزاء: "قال أقتلت".

فإن قلت: فلم خولف بينهما ؟

قلت: لأن خرق السفينة لم يتعقب الركوب، وقد تعقب القتل لقاء الغلام، وقرئ : "زاكية" و "زكية"، وهي الطاهرة من الذنوب، إما لأنها ظاهرة عنده; لأنه لم يرها قد أذنبت، وإما لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث، بغير نفس : يعني: لم تقتل نفسا فيقتص منها، وعن ابن عباس : أن نجدة الحروري كتب إليه: كيف جاز قتله، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قتل الولدان ؟ فكتب إليه: إن علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل "نكرا"، وقرئ : بضمتين، وهو المنكر، وقيل: النكر أقل من الإمر; لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة، وقيل: معناه: جئت شيئا أنكر من الأول، لأن ذلك كان خرقا يمكن تداركه بالسد، وهذا لا سبيل إلى تداركه.

فإن قلت: ما معنى زيادة "لك"؟

قلت: زيادة المكافحة بالعتاب على رفض الوصية، والوسم بقلة الصبر عند الكرة الثانية.

التالي السابق


الخدمات العلمية