صفحة جزء
رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا

رب السماوات والأرض : بدل من ربك ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو رب السماوات والأرض ، "فاعبده" كقوله [من الطويل ] :


وقائلة خولان فانكح فتاتهم



[ ص: 38 ] وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون وما كان ربك نسيا : من كلام المتقين ، وما بعده من كلام رب العزة .

فإن قلت : هلا عدي : " اصطبر " : بعلى التي هي صلته ؛ كقوله تعالى : واصطبر عليها [طه : 132 ] .

قلت : لأن العبادة جعلت بمنزلة القرن في قولك للمحارب : اصطبر لقرنك : أي اثبت له فيما يورد عليك من شداته أريد أن العبادة تورد عليك شدائد ومشاق ، فاثبت لها ولا تهن ، ولا يضق صدرك عن إلقاء عداتك من أهل الكتاب إليك الأغاليط ، وعن احتباس الوحي عليك مدة وشماتة المشركين بك ، أي : لم يسم شيء بالله قط ، وكانوا يقولون لأصنامهم : آلهة ، والعزى : إله ، وأما الذي عوض فيه الألف واللام من الهمزة ، فمخصوص به المعبود الحق غير مشارك فيه ، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : لا يسمى أحد الرحمن غيره ، ووجه آخر : هل تعلم من سمي باسمه على الحق دون [ ص: 39 ] الباطل ؛ لأن التسمية على الباطل في كونها غير معتد بها كلا تسمية ، وقيل : مثلا وشبيها ، أي : إذا صح أن لا معبود يوجه إليه العباد العبادة إلا هو وحده ، لم يكن بد من عبادته والاصطبار على مشاقها وتكاليفها .

التالي السابق


الخدمات العلمية