صفحة جزء
لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا

الواو في : "لا يملكون" إن جعل ضميرا فهو للعباد ، ودل عليه ذكر المتقين والمجرمين ؛ لأنهم على هذه القسمة ، ويجوز أن تكون علامة للجمع ، كالتي في : "أكلوني البراغيث " ، والفاعل : من اتخذ ؛ لأنه في معنى الجمع ، ومحل : "من اتخذ " : رفع على البدل ، أو على الفاعلية ، ويجوز أن ينتصب على تقدير حذف المضاف ، أي : إلا شفاعة من اتخذ ، والمراد : لا يملكون أن يشفع لهم ، واتخاذ العهد : الاستظهار بالإيمان والعمل ، وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم : "أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا" ح قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : "يقول كل صباح ومساء : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وأنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وأني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد" فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ، ووضع تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الرحمن عهد ، فيدخلون [ ص: 57 ] الجنة ، وقيل : كلمة الشهادة ، أو يكون من : "عهد الأمير إلى فلان بكذا " : إذا أمره به ، أي : لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له فيها ؛ وتعضده مواضع في التنزيل : وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى [النجم : 26 ] ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له [سبأ : 23 ] ، و يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا [طه : 109 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية