1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة البقرة
  4. تفسير قوله تعالى لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله
صفحة جزء
لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير

وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه : يعني من السوء يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء لمن استوجب المغفرة بالتوبة مما أظهر منه أو أضمره، ويعذب من يشاء : ممن استوجب العقوبة بالإصرار، ولا يدخل فيما يخفيه الإنسان الوساوس وحديث النفس; لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه، ولكن ما اعتقده وعزم عليه.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه تلاها فقال: لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن، ثم بكى حتى سمع نشيجه فذكر لابن عباس فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن ، قد وجد المسلمون منها مثل ما وجد، فنزل: لا يكلف الله .

وقرئ: (فيغفر) و(يعذب)، مجزومين عطفا على جواب الشرط، ومرفوعين على فهو يغفر ويعذب.

فإن قلت: كيف يقرأ الجازم؟ قلت: يظهر الراء ويدغم الباء، ومدغم الراء في اللام لاحن مخطئ خطأ فاحشا، وراويه عن أبي عمرو مخطئ مرتين; لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس بالعربية ما يؤذن بجهل عظيم، والسبب في نحو هذه الروايات قلة ضبط الرواة، والسبب في قلة الضبط قلة [ ص: 519 ] الدراية، ولا يضبط نحو هذا إلا أهل النحو.

وقرأ الأعمش : (يغفر) بغير فاء مجزوما على البدل من "يحاسبكم" كقوله [من الطويل]:


متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأججا



ومعنى هذا البدل التفصيل لجملة الحساب; لأن التفصيل أوضح من المفصل، فهو جار مجرى بدل البعض من الكل أو بدل الاشتمال، كقولك: ضربت زيدا رأسه، وأحب زيدا عقله، وهذا البدل واقع في الأفعال وقوعه في الأسماء لحاجة القبيلين إلى البيان.

التالي السابق


الخدمات العلمية