صفحة جزء
قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون

فإن قلت : ومن كان حوله ؟ قلت : أشراف قومه قيل : كانوا خمسمائة رجل عليهم الأساور وكانت للملوك خاصة . فإن قلت : ذكر السماوات والأرض وما بينهما قد استوعب به الخلائق كلها ، ما معنى ذكرهم وذكر آبائهم بعد ذلك وذكر المشرق والمغرب ؟ قلت : قد عمم أولا ، ثم خصص من العام للبيان أنفسهم وآباءهم . لأن أقرب المنظور فيه من العاقل نفسه ومن ولد منه ، وما شاهد وعاين من الدلائل على الصانع ، والناقل من هيئة إلى هيئة وحال إلى حال من وقت ميلاده إلى وقت وفاته ، ثم خصص المشرق والمغرب ، لأن طلوع الشمس من أحد الخافقين وغروبها في الآخر على تقدير مستقيم في فصول السنة وحساب مستو من أظهر ما استدل به ؛ ولظهوره انتقل إلى الاحتجاج به خليل الله ، عن [ ص: 387 ] الاحتجاج بالإحياء والإماتة على نمروذ بن كنعان ، فبهت الذي كفر . وقرئ : "رب المشارق والمغارب " . الذي أرسل إليكم بفتح الهمزة . فإن قلت : كيف قال أولا إن كنتم موقنين وآخرا إن كنتم تعقلون ؟ قلت : لاين أولا ، فلما رأى منهم شدة الشكيمة في العناد وقلة الإصغاء إلى عرض الحجج خاشن وعارض : إن رسولكم لمجنون ، بقوله : إن كنتم تعقلون .

التالي السابق


الخدمات العلمية