صفحة جزء
والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون

[ ص: 425 ] "والشعراء" مبتدأ . و يتبعهم الغاوون خبره : ومعناه : أنه لا يتبعهم على باطلهم وكذبهم وفضول قولهم وما هم عليه من الهجاء وتمزيق الأعراض والقدح في الأنساب ، والنسيب بالحرم والغزل والابتهار ، ومدح من لا يستحق المدح ، ولا يستحسن ذلك منهم ولا يطرب على قولهم إلا الغاوون والسفهاء والشطار . وقيل : الغاوون : الراوون . وقيل : الشياطين ، وقيل : هم شعراء قريش : عبد الله بن الزبعري ، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ، ومسافع بن عبد مناف ، وأبو عزة الجمحي . ومن ثقيف : أمية بن أبي الصلت . قالوا : نحن نقول مثل قول محمد -وكانوا يهجونه ، ويجتمع إليهم الأعراب من قومهم يستمعون أشعارهم وأهاجيهم- وقرأ عيسى بن عمر : والشعراء ، بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر . قال أبو عبيد : كان الغالب عليه حب النصب . قرأ : وامرأته حمالة الحطب [المسد : 4 ] . والسارق والسارقة و سورة أنزلناها وقرئ : "يتبعهم " ، على التخفيف . ويتبعهم ، بسكون العين تشبيها "لبعه بعضد " .

ذكر الوادي والهيوم : فيه تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق ومجاوزة حد القصد فيه ، حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة ، وأشحهم على حاتم ، وأن يبهتوا البري ، ويفسقوا التقي . وعن الفرزدق : أن سليمان بن عبد الملك سمع قوله [من الوافر ] :


فبتن بجانبي مصرعات . . . وبت أفض أغلاق الختام



[ ص: 426 ] فقال : قد وجب عليك الحد ، فقال : يا أمير المؤمنين قد درأ الله عني الحد بقوله : وأنهم يقولون ما لا يفعلون .

التالي السابق


الخدمات العلمية