صفحة جزء
وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون

قرئ : "آية" و "آيات " . أرادوا : هلا أنزل عليه آية مثل ناقة صالح ومائدة عيسى عليهما السلام ونحو ذلك إنما الآيات عند الله ينزل أيتها شاء ، ولو شاء أن ينزل ما تقترحونه [ ص: 556 ] لفعل وإنما أنا نذير كلفت الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات ، وليس لي أن أتخير على الله آياته فأقول : أنزل علي آية كذا دون آية كذا ، مع علمي أن الغرض من الآية ثبوت الدلالة ، والآيات كلها في حكم آية واحدة في ذلك ، ثم قال :أولم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات -إن كانوا طالبين للحق غير متعنتين- هذا القرآن الذي تدوم تلاوته عليهم في كل مكان وزمان فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحل ، كما تزول كل آية بعد كونها ، وتكون في مكان دون مكان . إن في مثل هذه الآية الموجودة في كل مكان وزمان إلى آخر الدهر "لرحمة" لنعمة عظيمة لا تشكر . وتذكرة لقوم يؤمنون وقيل : أولم يكفهم ، يعني اليهود : أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم بتحقيق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك . وقيل : إن ناسا من المسلمين أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتف قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود ، فلما أن نظر إليها ألقاها وقال : كفى بها حماقة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم ، فنزلت . والوجه ما ذكرناه كفى بالله بيني وبينكم شهيدا أني قد بلغتكم ما أرسلت به إليكم وأنذرتكم ، وأنكم قابلتموني بالجحد والتكذيب يعلم ما في السماوات والأرض فهو مطلع على أمري وأمركم ، وعالم بحقي وباطلكم والذين آمنوا بالباطل منكم وهو ما تعبدون من دون الله وكفروا بالله وآياته أولئك هم الخاسرون المغبونون في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان ، إلا أن الكلام ورد مورد الإنصاف ؛ كقوله : وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين [سبأ : 24 ] ، وكقول حسان [من الوافر ] :


فشركما لخيركما الفداء



وروي أن كعب بن الأشرف وأصحابه قالوا : يا محمد ، من يشهد لك بأنك رسول الله ، فنزلت .

التالي السابق


الخدمات العلمية