1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة آل عمران
  4. تفسير قوله تعالى ياأيها الذين ءامنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا
صفحة جزء
يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون

وقالوا لإخوانهم : أي: لأجل إخوانهم، كقوله تعالى: وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه [الأحقاف: 11] ومعنى الأخوة: اتفاق الجنس أو النسب إذا ضربوا في الأرض : إذا سافروا فيها وأبعدوا للتجارة أو غيرها، أو كانوا غزى : جمع غاز، كعاف وعفى، كقوله:

عفى الحياض أجون

وقرئ بتخفيف الزاي على حذف التاء من غزاة.

فإن قلت: كيف قيل: إذا ضربوا : مع "قالوا"؟ قلت: هو على حكاية الحال الماضية، كقولك: حين يضربون في الأرض.

فإن قلت: ما متعلق "ليجعل"؟ قلت: "قالوا"، أي: "قالوا" ذلك واعتقدوه ليكون حسرة في قلوبهم : على أن اللام مثلها في [ ص: 646 ] ليكون لهم عدوا وحزنا [القصص: 8] أو لا تكونوا، بمعنى: لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده، ليجعله الله حسرة في قلوبهم خاصة ويصون منها قلوبكم.

فإن قلت: ما معنى إسناد الفعل إلى الله تعالى؟ قلت: معناه: أن الله - عز وجل - عند اعتقادهم ذلك المعتقد الفاسد يضع الغم والحسرة في قلوبهم، ويضيق صدورهم عقوبة، فاعتقاده فعلهم وما يكون عنده من الغم والحسرة وضيق الصدور فعل الله عز وجل كقوله: يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء [الأنعام: 125] ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى ما دل عليه النهي، أي: لا تكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم; لأن مخالفتهم فيما يقولون ويعتقدون ومضادتهم مما يغمهم ويغيظهم.

والله يحيي ويميت رد لقولهم، أي: الأمر بيده، قد يحيي المسافر والغازي، ويميت المقيم والقاعد كما يشاء.

وعن خالد بن الوليد -رضي الله عنه- أنه قال عند موته: ما في موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وها أناذا أموت كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء، والله بما تعملون بصير : فلا تكونوا مثلهم، وقرئ بالياء، يعني الذين كفروا. "لمغفرة": جواب القسم، وهو ساد مسد جواب الشرط، وكذلك لإلى الله تحشرون كذب الكافرين أولا في زعمهم أن من سافر من إخوانهم أو غزا لو كان في المدينة لما مات، ونهى المسلمين عن ذلك لأنه سبب التقاعد عن الجهاد، ثم قال لهم: ولئن تم عليكم ما تخافونه من الهلاك بالموت والقتل في سبيل الله، فإن ما تنالونه من المغفرة والرحمة بالموت في سبيل الله خير مما تجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم تموتوا.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما-: خير من طلاع الأرض ذهبة حمراء، وقرئ بالياء، أي: يجمع الكفار لإلى الله تحشرون : لإلى الله الرحيم الواسع الرحمة، المثيب العظيم الثواب تحشرون، ولوقوع اسم الله تعالى هذا الموقع مع تقديمه وإدخال اللام على الحرف المتصل به - شأن ليس بالخفي.

قرئ: (متم) بضم الميم وكسرها، من مات يموت ومات يمات.

التالي السابق


الخدمات العلمية