صفحة جزء
فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون

( إن هؤلاء ) بأن هؤلاء، أي: دعا ربه بذلك. قيل: كان دعاؤه: اللهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم: وقيل هو قوله: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين [يونس: 85] وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك، وهو كونهم مجرمين. وقرئ: (إن هؤلاء) بالكسر على إضمار القول، أي: فدعا ربه فقال: إن هؤلاء "فأسر" قرئ بقطع الهمزة من أسري، ووصلها من سرى. وفيه وجهان: إضمار القول بعد الفاء، فقال: أسر بعبادي. وأن يكون جواب شرط محذوف، كأنه قيل: قال إن كان الأمر كما تقول فأسر "بعبادي" يعني: فأسر ببني إسرائيل، فقد دبر الله أن تتقدموا ويتبعكم فرعون وجنوده، فينجي المتقدمين ويغرق التابعين. الرهو فيه وجهان، أحدهما: أنه الساكن. قال الأعشى [من البسيط]:


يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتكل



[ ص: 470 ] أي: مشيا ساكنا على هينة. أراد موسى لما جاوز البحر أن يضربه بعصاه فينطبق، كما ضربه فانفلق، فأمر بأن يتركه ساكنا على هيئته، قارا على حاله: من انتصاب الماء، وكون الطريق يبسا لا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئا ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم. والثاني: أن الرهو الفجوة الواسعة. وعن بعض العرب: أنه رأى جملا فالجا فقال: سبحان الله، رهو بين سنامين، أي: اتركه مفتوحا على حاله منفرجا. إنهم جند مغرقون وقرئ بالفتح، بمعنى: لأنهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية