1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة ق
  4. تفسير قوله تعالى ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد
صفحة جزء
ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد

الوسوسة: الصوت الخفي. ومنها: وسواس الحلي. ووسوسة النفس: ما يخطر ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس. والباء مثلها في قولك: صوت بكذا وهمس به. ويجوز أن تكون للتعدية والضمير للإنسان، أي: ما تجعله موسوسا، وما مصدرية; لأنهم يقولون: حدث نفسه بكذا، كما يقولون: حدثته به نفسه. قال [من الرمل]:


واكذب النفس إذا حدثتها



ونحن أقرب إليه مجاز، والمراد: قرب علمه منه، وأنه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقا لا يخفى عليه شيء من خفياته، فكأن ذاته قريبة منه، كما يقال: الله في كل مكان، وقد جل عن الأمكنة. وحبل الوريد: مثل في فرط القرب، كقولهم: هو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار. وقال ذو الرمة [من الرجز]:

[ ص: 596 ]

والموت أدنى لي من الوريد



والحبل: العرق، شبه بواحد الحبال، ألا ترى إلى قوله [من الرجز]:


كأن وريديه رشاآ خلب



والوريدان: عرقان مكتنفان لصفحتي العنق في مقدمهما متصلان بالوتين، يردان من الرأس إليه. وقيل: سمي وريدا لأن الروح ترده. فإن قلت: ما وجه إضافة الحبل إلى الوريد، والشيء لا يضاف إلى نفسه؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن تكون الإضافة للبيان، كقولهم: بعير سانية. والثاني: أن يراد حبل العاتق فيضاف إلى الوريد، كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد، كما لو قيل: حبل العلياء مثلا.

التالي السابق


الخدمات العلمية