صفحة جزء
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين

حفظة : ملائكة حافظين لأعمالكم ، وهو الكرام الكاتبون ، وعن أبي حاتم السجستاني : كان يكتب عن الأصمعي كل شيء يلفظ به من فوائد العلم ، حتى قال فيه : أنت شبيه الحفظة ، تكتب لغط اللفظة ، فقال أبو حاتم : وهذا أيضا مما يكتب .

فإن قلت : الله - تعالى - غني بعلمه عن كتبة الملائكة ، فما فائدتها؟

قلت : فيها لطف للعباد ; لأنهم إذا علموا أن الله رقيب عليهم ، والملائكة الذين هم أشرف خلقه موكلون بهم ، يحفظون عليهم أعمالهم ، ويكتبونها في صحائف تعرض على رؤس الأشهاد في مواقف القيامة ، كان ذلك أزجر لهم عن القبيح ، وأبعد عن السوء توفته رسلنا أي : استوفت روحه ، وهم ملك الموت وأعوانه ، وعن مجاهد : جعلت الأرض له مثل الطست يتناول من يتناوله ، وما من أهل بيت إلا ويطوف عليهم في كل يوم مرتين .

وقرئ : " توفاه" ، ويجوز أن يكون ماضيا ، ومضارعا ، بمعنى : تتوفاه ، و “ يفرطون " بالتشديد والتخفيف ، فالتفريط : التواني ، والتأخير عن الحد .

والإفراط : مجاوزة الحد ، أي : لا ينقصون مما أمروا به أو لا يزيدون فيه ثم ردوا [ ص: 357 ] إلى الله أي : إلى حكمه وجزائه ، " مولاهم" : مالكهم الذي يلي عليهم أمورهم ، " الحق" : العدل ، الذي لا يحكم إلا بالحقألا له الحكم : يومئذ لا حكم فيه لغيره وهو أسرع الحاسبين : لا يشغله حساب عن حساب .

وقرئ : " الحق " بالنصب على المدح ; كقولك : الحمد لله الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية