1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة الأنعام
  4. تفسير قوله تعالى وهو الذي أنزل من السمآء مآء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا
صفحة جزء
وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها [ ص: 379 ] وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون

فأخرجنا به : بالماء نبات كل شيء : نبت كل صنف من أصناف النامي ، يعني : أن السبب واحد ، وهو الماء ، والمسببات صنوف مفتنة ، كما قال : يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل [الرعد : 4] فأخرجنا منه : من النبات ، " خضرا" : شيئا غضا أخضر ، يقال : أخضر وخضر ، كأعور وعور ، وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة نخرج منه : من الخضر حبا متراكبا : وهو السنبل ، و “ قنوان" : رفع بالابتداء ، و “ من النخل" : خبره ، و “ من طلعها" : بدل منه ، كأنه قيل : " وحاصلة من طلع النخل قنوان" ، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا ; لدلالة أخرجنا عليه ، تقديره : ومخرجة من طلع النخل قنوان ، ومن قرأ : " يخرج منه حب متراكب " ، كان " قنوان" : عنده معطوفا على حب ، والقنوان : جمع قنو ، ونظيره : صنو وصنوان .

وقرئ : بضم القاف وبفتحها ، على أنه اسم جمع كركب ; لأن فعلان ليس من زيادة التكسير " دانية " : سهلة المجتنى ، معرضة للقاطف ، كالشيء الداني القريب المتناول ; ولأن النخلة ، وإن كانت صغيرة ، ينالها القاعد ، فإنها تأتي بالثمر لا تنتظر الطول . وقال الحسن : "دانية" قريب بعضها من بعض ، وقيل : ذكر القريبة ، وترك ذكر البعيدة ; لأن النعمة فيها أظهر ، وأدل بذكر القريبة على ذكر البعيدة ; كقوله : سرابيل تقيكم الحر [النحل : 81 ] وقوله : وجنات من أعناب فيه وجهان : أحدهما : أن يراد : وثم جنات من أعناب ، أي : مع النخل .

والثاني : أن يعطف على : " قنوان " على معنى : وحاصلة ، أو ومخرجة من النخل قنوان ، وجنات من أعناب ، أي : من نبات أعناب .

وقرئ : "وجنات" بالنصب عطفا على نبات كل شيء ، أي : وأخرجنا به جنات من أعناب ، وكذلك قوله : والزيتون والرمان ، والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص ، كقوله : والمقيمين الصلاة [النساء : 162] ; لفضل هذين الصنفين مشتبها وغير متشابه ، يقال : "اشتبه الشيئان وتشابها" ; كقولك : "استويا وتساويا" ، والافتعال والتفاعل يشتركان كثيرا .

وقرئ : متشابها وغير متشابه ، وتقديره : والزيتون متشابها ، وغير متشابه ، والرمان كذلك ; كقوله : [من الخفيف]


كنت منه ووالدي بريا



[ ص: 380 ] والمعنى : بعضه متشابها وبعضه غير متشابه ، في القدر ، واللون ، والطعم ، وذلك دليل على التعمد دون الإهمال انظروا إلى ثمره إذا أثمر : إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلا ، ضعيفا ، لا يكاد ينتفع به ، وانظروا إلى حال ينعه ، ونضجه ، كيف يعود شيئا جامعا لمنافع وملاذ ، نظر اعتبار واستبصار ، واستدلال على قدرة مقدره ومدبره ، وناقله من حال إلى حال .

وقرئ : " وينعه " بالضم ، يقال : ينعت الثمرة ينعا وينعا .

وقرأ ابن محيصن : "ويانعه" ، وقرئ : "وثمره" ، بالضم .

التالي السابق


الخدمات العلمية