1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة الأنفال
  4. تفسير قوله تعالى وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
صفحة جزء
وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين [ ص: 596 ] وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم

فإن حسبك الله فإن محسبك الله ; قال جرير [من الكامل] :


إني وجدت من المكارم حسبكم أن تلبسوا خز الثياب وتشبعوا



وألف بين قلوبهم : التأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الباهرة ; لأن العرب - لما فيهم من الحمية والعصبية ، والانطواء على الضغينة في أدنى شيء وإلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا - لا يكاد يأتلف منهم قلبان ، ثم ائتلفت قلوبهم على اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتحدوا ، وأنشؤوا يرمون عن قوس واحدة ; وذلك لما نظم الله من ألفتهم وجمع من كلمتهم ، وأحدث بينهم من التحاب والتواد ، وأماط عنهم من التباغض والتماقت ، وكلفهم من الحب في الله ، والبغض في الله ، ولا يقدر على ذلك إلا من يملك القلوب ، فهو يقلبها كما شاء ، ويصنع فيها ما أراد ، وقيل : هم الأوس والخزرج ، كان بينهم من الحروب والوقائع ما أهلك سادتهم ورؤساءهم ، ودق جماجمهم ، ولم يكن لبغضائهم أمد ومنتهى ، وبينهما التجاور الذي يهيج الضغائن ويديم التحاسد والتنافس ، وعادة كل طائفتين كانتا بهذه المثابة أن تتجنب هذه ما آثرته أختها وتكرهه وتنفر عنه ، فأنساهم الله - تعالى- ذلك كله حتى اتفقوا على الطاعة ، وتصافوا ، وصاروا أنصارا ، وعادوا أعوانا ، وما ذاك إلا بلطيف صنعه وبليغ قدرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية