صفحة جزء
قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون

[ ص: 135 ] قل من يرزقكم من السماء والأرض : أي: يرزقكم منهما جميعا، لم يقتصر برزقكم على جهة واحدة ليفيض عليكم نعمته ويوسع رحمته، أمن يملك السمع والأبصار : من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحد الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة، أو من يحميهما ويحصنهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال، وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء بكلاءته وحفظه، ومن يدبر الأمر : ومن يلي تدبير أمر العالم كله، جاء بالعموم بعد الخصوص، أفلا تتقون : أفلا تقون أنفسكم ولا تحذرون عليها عقابه فيما أنتم بصدده من الضلال، فذلكم : إشارة إلى من هذه قدرته وأفعاله، ربكم الحق : الثابت ربوبيته ثباتا لا ريب فيه لمن حقق النظر، فماذا بعد الحق إلا الضلال : يعني: أن الحق والضلال، لا واسطة بينهما، فمن تخطى الحق، وقع في الضلال، فأنى تصرفون : عن الحق إلى الضلال، وعن التوحيد إلى الشرك، وعن السعادة إلى الشقاء، كذلك : مثل ذلك الحق، حقت كلمت ربك : أي: كما حق وثبت أن الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق، فكذلك حقت كلمة ربك، على الذين فسقوا : أي: تمردوا في كفرهم وخرجوا إلى الحد الأقصى فيه، و أنهم لا يؤمنون : بدل من الكلمة، أي: حق عليهم انتفاء الإيمان، وعلم الله منهم ذلك، أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان، وأن إيمانهم غير كائن، أو: أراد بالكلمة: العدة بالعذاب، وأنهم لا يؤمنون تعليل، بمعنى: لأنهم لا يؤمنون .

التالي السابق


الخدمات العلمية