صفحة جزء
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون

أرأيتم : أخبروني، و ما أنزل الله : "ما": في موضع النصب بأنزل، أو بأرأيتم، في معنى: أخبرونيه، فجعلتم منه حراما وحلالا : أي: أنزله الله رزقا حلالا كله فبعضتموه، وقلتم: هذا حلال وهذا حرام، كقولهم: هذه أنعام وحرث حجر [الأنعام: 138]، ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا [الأنعام: 139]، آلله أذن لكم : متعلق بأرأيتم، وقل: تكرير للتوكيد، والمعنى: أخبروني: آلله أذن لكم في التحليل والتحريم فأنتم تفعلون ذلك بإذنه، أم تكذبون على الله في نسبة ذلك [ ص: 152 ] إليه، ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار، و"أم" منقطعة بمعنى: بل أتفترون على الله، تقريرا للافتراء، وكفي بهذه الآية زاجرة زجرا بليغا عن التجوز فيما يسئل عنه من الأحكام، وباعثة على وجوب الاحتياط فيه، وألا يقول أحد في شيء جائز أو غير جائز إلا بعد إيقان وإتقان، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت، وإلا فهو مفتر على الله، يوم القيامة : منصوب بالظن، وهو ظن واقع فيه، يعني: أي شيء ظن المفترين في ذلك اليوم ما يصنع بهم فيه وهو يوم الجزاء بالإحسان والإساءة، وهو وعيد عظيم; حيث أبهم أمره، وقرأ عيسى بن عمر : "وما ظن" على لفظ الفعل، ومعناه: وأي ظن ظنوا يوم القيامة، وجيء به على لفظ الماضي، لأنه كائن فكأن قد كان، إن الله لذو فضل على الناس : حيث أنعم عليهم بالعقل، ورحمهم بالوحي، وتعليم الحلال والحرام، ولكن أكثرهم لا يشكرون : هذه النعمة ولا يتبعون ما هدوا إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية