ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن  [ ص: 362 ] السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون 
"البر": اسم للخير ولكل فعل مرضي 
أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب  : الخطاب لأهل الكتاب; لأن اليهود تصلي قبل المغرب إلى 
بيت المقدس،  والنصارى قبل المشرق، وذلك أنهم أكثروا 
الخوض في أمر القبلة حين حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى 
الكعبة،  وزعم كل واحد من الفريقين أن البر التوجه إلى قبلته، فرد عليهم، وقيل: ليس البر فيما أنتم عليه، فإنه منسوخ خارج من البر، ولكن البر ما نبينه، وقيل: كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في أمر القبلة، فقيل: ليس البر العظيم الذي يجب أن تذهلوا بشأنه عن سائر صنوف البر أمر القبلة، ولكن البر الذي يجب الاهتمام به وصرف الهمة بر من آمن وقام بهذه الأعمال. 
وقرئ: (وليس البر) -بالنصب على أنه خبر مقدم- وقرأ 
عبد الله   : (بأن تولوا)، على إدخال الباء على الخبر للتأكيد كقولك: ليس المنطلق بزيد، 
ولكن البر من آمن بالله  : على تأويل حذف المضاف، أي بر من آمن، أو يتأول البر بمعنى ذي البر، أو كما قالت [من البسيط]: 
فإنما هي إقبال وإدبار 
 [ ص: 363 ] وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد   : لو كنت ممن يقرأ القرآن لقرأت: (ولكن البر)، بفتح الباء، وقرئ: (ولكن البار)، وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر   nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع   : (ولكن البر) بالتخفيف. 
"والكتاب": جنس كتب الله، أو القرآن 
على حبه  : مع حب المال والشح به، كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود   : "أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح، تأمل العيش وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا" وقيل: على حب الله، وقيل: على حب الإيتاء،  
[ ص: 364 ] يريد أن يعطيه وهو طيب النفس بإعطائه، وقدم ذوي القربى; لأنهم أحق، قال -عليه الصلاة والسلام-: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=696491 "صدقتك على المسكين صدقة، وعلى ذي رحمك اثنتان لأنها صدقة وصلة" وقال -عليه الصلاة والسلام-: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=909785 "أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح".  [ ص: 365 ] وأطلق 
ذوي القربى واليتامى والمراد: الفقراء منهم لعدم الإلباس، والمسكين:  
[ ص: 366 ] الدائم السكون إلى الناس; لأنه لا شيء له، كالمسكير: للدائم السكر، 
وابن السبيل  : المسافر المنقطع، وجعل ابنا للسبيل لملازمته له، كما يقال للص القاطع: ابن الطريق، وقيل: هو الضيف; لأن السبيل يرعف به. 
"والسائلين": المستطعمين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=32963 "للسائل حق وإن جاء على ظهر فرسه". وفي الرقاب  : وفي معاونة المكاتبين حتى يفكوا رقابهم، وقيل: في ابتياع الرقاب وإعتاقها، وقيل: في فك الأسارى.  
[ ص: 367 ] فإن قلت: قد ذكر إيتاء المال في هذه الوجوه ثم قفاه بإيتاء الزكاة، فهل دل ذلك على أن في المال حقا سوى الزكاة؟ قلت: يحتمل ذلك، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي   : أن في المال حقا سوى الزكاة، وتلا هذه الآية، ويحتمل أن يكون ذلك بيان 
مصارف الزكاة، أو يكون حثا على نوافل الصدقات والمبار، وفي الحديث: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=67652 "نسخت الزكاة كل صدقة" يعني: وجوبها، وروي: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=33906 "ليس في المال حق سوى الزكاة". 
"والموفون": عطف على (من آمن)، و(أخرج) "والصابرين": منصوبا على الاختصاص والمدح; وإظهارا لفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر الأعمال، وقرئ: (والصابرون)، وقرئ: (والموفين) (والصابرين)، و"البأساء": الفقر والشدة، "والضراء": المرض والزمانة، "صدقوا": كانوا صادقين جادين في الدين.