صفحة جزء
وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا

( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه ) بتوفيقه للإسلام وتوفيقك لعتقه واختصاصه . ( وأنعمت عليه ) بما وفقك الله فيه وهو زيد بن حارثة . ( أمسك عليك زوجك ) زينب . وذلك : أنه عليه الصلاة والسلام أبصرها بعد ما أنكحها إياه فوقعت في نفسه فقال سبحان الله مقلب القلوب ، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرت لزيد ففطن لذلك ووقع في نفسه كراهة صحبتها ، فأتى النبي عليه الصلاة والسلام وقال : أريد أن أفارق صاحبتي ، فقال : ما لك أرابك منها شيء ، فقال : لا والله ما رأيت منها إلا خيرا ولكنها لشرفها تتعظم علي ، فقال له : أمسك عليك زوجك . ( واتق الله ) في أمرها فلا تطلقها ضرارا وتعللا بتكبرها .

( وتخفي في نفسك ما الله مبديه ) وهو نكاحها إن طلقها أو إرادة طلاقها . ( وتخشى الناس ) تعييرهم إياك به . ( والله أحق أن تخشاه ) إن [ ص: 233 ]

كان فيه ما يخشى ، والواو للحال ، وليست المعاتبة على الإخفاء وحده فإنه حسن بل على الإخفاء مخافة قالة الناس وإظهار ما ينافي إضماره ، فإن الأولى في أمثال ذلك أن يصمت أو يفوض الأمر إلى ربه . ( فلما قضى زيد منها وطرا ) حاجة بحيث ملها ولم يبق له فيها حاجة وطلقها وانقضت عدتها . ( زوجناكها ) وقيل قضاء الوطر كناية عن الطلاق مثل لا حاجة لي فيك . وقرئ «زوجتكها » ، والمعنى أنه أمر بتزويجها منه أو جعلها زوجته بلا واسطة عقد . ويؤيده أنها كانت تقول لسائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى تولى إنكاحي وأنتن زوجكن أولياؤكن . وقيل كان زيد السفير في خطبتها وذلك ابتلاء عظيم وشاهد بين على قوة إيمانه . ( لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ) علة للتزويج ، وهو دليل على أن حكمه وحكم الأمة واحد إلا ما خصه الدليل وكان أمر الله أمره الذي يريده مفعولا مكونا لا محالة كما كان تزويج زينب .

التالي السابق


الخدمات العلمية