صفحة جزء
والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم

والذين تبوءوا الدار والإيمان عطف على المهاجرين، والمراد بهم الأنصار الذين ظهر صدقهم فإنهم لزموا المدينة والإيمان وتمكنوا فيهما، وقيل: المعنى تبوءوا دار الهجرة ودار الإيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول وعوض عنه اللام، أو تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله: علفتها تبنا وماء باردا.

وقيل: سمى المدينة بالإيمان لأنها مظهره ومصيره. من قبلهم من قبل هجرة المهاجرين. وقيل: تقدير الكلام والذين تبوءوا الدار من قبلهم والإيمان. يحبون من هاجر إليهم ولا يثقل عليهم. ولا يجدون في صدورهم في أنفسهم. حاجة ما تحمل عليه الحاجة كالطلب والحزازة والحسد والغيظ. مما أوتوا مما أعطي المهاجرون من الفيء وغيره. ويؤثرون على أنفسهم ويقدمون المهاجرين على أنفسهم حتى إن من كان عنده امرأتان نزل عن واحدة وزوجها من أحدهم. ولو كان بهم خصاصة حاجة من خصاص البناء وهي فرجة. ومن يوق شح نفسه حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الإنفاق. فأولئك هم المفلحون الفائزون بالثناء العاجل والثواب الآجل.

والذين جاءوا من بعدهم هم الذين هاجروا حين قوي الإسلام، أو التابعون بإحسان وهم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة ولذلك قيل: إن الآية قد استوعبت جميع المؤمنين. يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان أي لإخواننا في الدين، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا حقدا لهم.

ربنا إنك رءوف رحيم فحقيق بأن تجيب دعاءنا.

[ ص: 201 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية