1. الرئيسية
  2. تفسير البيضاوي
  3. تفسير سورة الأعراف
  4. تفسير قوله تعالى قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين
صفحة جزء
قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين [ ص: 7 ] قال ما منعك ألا تسجد أي أن تسجد (ولا) صلة مثلها في لئلا يعلم ، مؤكدة معنى الفعل الذي دخلت عليه ، ومنبهة على أن الموبخ عليه ترك السجود . وقيل الممنوع عن الشيء مضطر إلى خلافه فكأنه قيل : ما اضطرك إلى ألا تسجد . إذ أمرتك دليل على أن مطلق الأمر للوجوب والفور . قال أنا خير منه جواب من حيث المعنى استأنف به استبعادا لأن يكون مثله مأمورا بالسجود لمثله كأنه قال : المانع أني خير منه ، ولا يحسن للفاضل أن يسجد للمفضول ، فكيف يحسن أن يؤمر به . فهو الذي سن التكبر وقال بالحسن والقبح العقليين أولا . خلقتني من نار وخلقته من طين تعليل لفضله عليه ، وقد غلط في ذلك بأن رأى الفضل كله باعتبار العنصر وغفل عما يكون باعتبار الفاعل كما أشار إليه بقوله تعالى : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أي بغير واسطة ، وباعتبار الصورة كما نبه عليه بقوله : ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين وباعتبار الغاية وهو ملاكه ولذلك أمر الملائكة بسجوده لما بين لهم أنه أعلم منهم ، وأن له خواص ليست لغيره ، والآية دليل الكون والفساد وأن الشياطين أجسام كائنة ، ولعل إضافة خلق الإنسان إلى الطين والشيطان إلى النار باعتبار الجزء الغالب .

قال فاهبط منها من السماء أو الجنة . فما يكون لك فما يصح . أن تتكبر فيها وتعصي فإنها مكان الخاشع والمطيع . وفيه تنبيه على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة وأنه سبحانه وتعالى إنما طرده وأهبطه لتكبره لا لمجرد عصيانه . فاخرج إنك من الصاغرين ممن أهانه الله لتكبره ، قال عليه الصلاة والسلام « من تواضع رفعه الله ومن تكبر وضعه الله » .

التالي السابق


الخدمات العلمية