ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون  [ ص: 92 ] ثم أنتم هؤلاء استبعاد لما ارتكبوه بعد الميثاق والإقرار به والشهادة عليه. وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبره على معنى أنتم بعد ذلك هؤلاء الناقصون، كقولك: أنت ذلك الرجل الذي فعل كذا، نزل تغير الصفة منزلة تغير الذات، وعدهم باعتبار ما أسند إليهم حضورا وباعتبار ما سيحكي عنهم غيبا. وقوله تعالى: 
تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم إما حال والعامل فيها معنى الإشارة، أو بيان لهذه الجملة. وقيل: هؤلاء تأكيد، والخبر هو الجملة. وقيل بمعنى الذين والجملة صلته والمجموع هو الخبر، وقرئ « تقتلون » على التكثير. 
تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان حال من فاعل تخرجون، أو من مفعوله، أو كليهما. والتظاهر التعاون من الظهر. وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم   nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي  بحذف إحدى التاءين. وقرئ بإظهارها، وتظهرون بمعنى تتظهرون 
وإن يأتوكم أسارى تفادوهم روي أن 
قريظة  كانوا حلفاء 
الأوس،  والنضير  حلفاء 
الخزرج،  فإذا اقتتلا عاون كل فريق حلفاءه في القتل وتخريب الديار وإجلاء أهلها، وإذا أسر أحد من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه. وقيل معناه إن يأتوكم أسارى في أيدي الشياطين تتصدوا لإنقاذهم بالإرشاد والوعظ مع تضييعكم أنفسكم كقوله تعالى: 
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم  . وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة  « أسرى » وهو جمع أسير كجريح وجرحى، وأسارى جمعه كسكرى وسكارى. وقيل هو أيضا جمع أسير، وكأنه شبه بالكسلان وجمع جمعه. 
وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير   nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو   nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة   nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر  « تفدوهم » 
وهو محرم عليكم إخراجهم متعلق بقوله 
وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، وما بينهما اعتراض، والضمير للشأن، أو مبهم ويفسره إخراجهم، أو راجع إلى ما دل عليه تخرجون من المصدر. وإخراجهم بدل أو بيان 
أفتؤمنون ببعض الكتاب يعني الفداء. 
وتكفرون ببعض يعني حرمة المقاتلة والإجلاء. 
فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا كقتل 
قريظة  وسبيهم. وإجلاء 
بني النضير،  وضرب الجزية على غيرهم. وأصل الخزي ذل يستحيا منه، ولذلك يستعمل في كل منهما. 
ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب لأن عصيانهم أشد. 
وما الله بغافل عما تعملون تأكيد للوعيد، أي الله سبحانه وتعالى بالمرصاد لا يغفل عن أفعالهم. وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم  في رواية 
المفضل،  « تردون » على الخطاب لقوله 
منكم  . 
 nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير   nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع   nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم  في رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر   nindex.php?page=showalam&ids=15833وخلف   nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب  « يعملون » على أن الضمير لمن.