1. الرئيسية
  2. تفسير ابن عطية
  3. تفسير سورة البقرة
  4. تفسير قوله عز وجل فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة
صفحة جزء
قوله عز وجل:

فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين .

[ ص: 9 ] قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: السكينة ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان، وروي عنه أنه قال: هي ريح خجوج، ولها رأسان. وقال مجاهد: السكينة لها رأس كرأس الهرة، وجناحان وذنب. وقال: أقبلت السكينة والصرد وجبريل مع إبراهيم من الشام- وقال وهب بن منبه عن بعض علماء بني إسرائيل: السكينة: رأس هرة ميتة كانت إذا صرخت في التابوت بصراخ الهر أيقنوا بالنصر. وقال ابن عباس: السكينة: طست من ذهب من الجنة، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء، وقاله السدي. وقال وهب بن منبه: السكينة روح من الله يتكلم إذا اختلفوا في شيء أخبرهم ببيان ما يريدون.

وقال عطاء بن أبي رباح: السكينة: ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها. وقال الربيع بن أنس: سكينة من ربكم أي: رحمة من ربكم. وقال قتادة: سكينة من ربكم أي: وقار لكم من ربكم.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله:

والصحيح أن التابوت كانت فيه أشياء فاضلة من بقايا الأنبياء وآثارهم، فكانت النفوس تسكن إلى ذلك، وتأنس به وتقوى، فالمعهود أن الله ينصر الحق والأمور الفاضلة عنده، والسكينة على هذا: فعيلة مأخوذة من السكون، كما يقال: عزم عزيمة، وقطع قطيعة.

واختلف المفسرون في البقية- ما هي؟ فقال ابن عباس: هي عصا موسى ورضاض [ ص: 10 ] الألواح. وقال الربيع: هي عصا موسى وأمور من التوراة. وقال عكرمة: هي التوراة والعصا ورضاض الألواح.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله:

ومعنى هذا ما روي من أن موسى لما جاء قومه بالألواح فوجدهم قد عبدوا العجل ألقى الألواح غضبا فتكسرت، فنزع منها ما بقي صحيحا، وأخذ رضاض ما تكسر فجعل في التابوت. وقال أبو صالح: البقية عصا موسى وعصا هارون، ولوحان من التوراة، والمن، وقال عطية بن سعد: هي عصا موسى، وعصا هارون وثيابهما ورضاض الألواح.

وقال الثوري: من الناس من يقول: البقية قفيز من، ورضاض الألواح، ومنهم من يقول: العصا والنعلان. وقال الضحاك: البقية: الجهاد وقتال الأعداء.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله:

أي الأمر بذلك في التابوت، إما أنه مكتوب فيه، وإما أن نفس الإتيان به هو كالأمر بذلك، وأسند الترك إلى آل موسى وهارون من حيث كان الأمر مندرجا من قوم إلى قوم، وكلهم آل لموسى وهارون. وآل الرجل قرابته وأتباعه. وقال ابن عباس، والسدي، وابن زيد: حمل الملائكة هو سوقها التابوت دون شيء يحمله سواها حتى وضعته بين يدي بني إسرائيل وهم ينظرون إليه بين السماء والأرض- وقال وهب بن منبه والثوري- عن بعض أشياخهم-: حملها إياه هو سوقها الثورين أو البقرتين اللتين جرتا العجلة، ثم قرر تعالى أن مجيء التابوت آية لهم إن كانوا ممن يؤمن ويبصر بعين حقيقة.

التالي السابق


الخدمات العلمية