صفحة جزء
قوله عز وجل:

أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا

لما توعدهم تعالى في الآية قبلها بسنة الأولين، وأنه لا يبدلها ولا يحولها في الكفرة، وقفهم في هذه الآية على رؤيتهم لما رأوا من ذلك في طريق الشام وغيره، كديار ثمود ونحوها، و"يعجزه" معناه يفوته ويفلته، و"من" في قوله: من شيء زائدة مؤكدة، و عليما قديرا صفتان لائقتان بهذا الموضع; لأن معهما لا يتعذر شيء.

ثم بين تعالى الوجه في إمهاله من أمهل من عباده، أن ذلك إنما هو لأن الآخرة من وراء الجميع، وفيها يستوفى جزاء كل أحد، ولو كان عز وجل يجازي على الذنوب في الدنيا لأهلك الجميع. وقوله: من دابة مبالغة، والمراد بنو آدم لأنهم المجازون، وقيل: المراد الجن، وقيل: كل ما دب من الحيوان إذ أكثره إنما هو لمنفعة ابن آدم وبسببهم. والضمير في "ظهرها" عائد على الأرض المتقدم ذكرها، ولو لم يتقدم لها ذكر لأمكن في هذا الموضع لبيان الأمر، ولكانت كقوله تعالى: حتى توارت بالحجاب ونحوه، و"الأجل المسمى" يوم القيامة. وباقي الآية توعد، وفيه وعد للمؤمنين.

كمل تفسير سورة فاطر والحمد لله رب العالمين

التالي السابق


الخدمات العلمية