1. الرئيسية
  2. تفسير ابن عطية
  3. تفسير سورة الأنعام
  4. تفسير قوله عز وجل ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون
صفحة جزء
قوله - عز وجل -:

ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين

قرئ: "ولقد"؛ بضم الدال؛ للضمة بعد الساكن الذي بعد الدال؛ وقرئ بكسر الدال؛ [ ص: 319 ] على عرف الالتقاء؛ وهذه تسلية للنبي - صلى اللـه عليه وسلم - بالأسوة في الرسل؛ وتقوية لنفسه على محاجة المشركين؛ وإخبار يتضمن وعيد مكذبيه؛ والمستهزئين.

و"فحاق"؛ معناه: نزل؛ وأحاط؛ وهي مخصوصة في الشر؛ يقال: "حاق؛ يحيق؛ حيقا"؛ ومنه قول الشاعر:


فأوطأ جرد الخيل عقر ديارهم ... وحاق بهم من بأس ضبة حائق



وقال قوم: أصل "حاق": "حق"؛ فبدلت القاف الواحدة؛ كما بدلت النون في: "تظننت".

قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا ضعيف.

و"ما" في قوله: ما كانوا ؛ يصح أن تكون بمعنى "الذي"؛ ويصح أن تكون مع الفعل بتأويل المصدر؛ كأنه قال: "استهزاؤهم"؛ وهذه كناية عن العقوبة؛ كما تهدد إنسانا؛ فتقول: "سيلحقك عملك"؛ والمعنى: عاقبته؛ و"سخروا"؛ معناه: استهزؤوا.

وقوله تعالى قل سيروا ؛ الآية؛ حض على الاعتبار بآثار من مضى؛ ممن فعل فعلهم؛ وقال: "كان"؛ ولم يقل: "كانت"؛ لأن تأنيث العاقبة ليس بحقيقي؛ وهي بمعنى: "الآخر"؛ و"المآل".

ومعنى الآية: "سيروا وتلقوا ممن سار"؛ لأن تحصيل العبرة بآثار من مضى إنما يستند إلى حس العين.

التالي السابق


الخدمات العلمية