صفحة جزء
قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون

قال فرعون منكرا على السحرة موبخا لهم على ما فعلوه .

آمنتم به بهمزة واحدة ، إما على الإخبار المحض المتضمن للتوبيخ ، أو على الاستفهام التوبيخي بحذف الهمزة ، كما مر في : إن لنا لأجرا ، وقد قرئ بتحقيق الهمزتين معا ، وبتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين ; أي : آمنتم بالله تعالى .

قبل أن آذن لكم ; أي : بغير أن آذن لكم ، كما في قوله تعالى : لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، لا أن الإذن منه ممكن في ذلك .

إن هذا لمكر مكرتموه يعني : إن ما صنعتموه ليس مما اقتضى الحال صدوره عنكم ، لقوة الجليل وظهور المعجزة ، بل هو حيلة احتلتموها مع مواطأة موسى .

في المدينة يعني : مصر ، قبل أن تخرجوا إلى الميعاد . روي أن موسى عليه الصلاة والسلام وأمير السحرة التقيا ، فقال له موسى : أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به الحق ؟ فقال الساحر : والله لئن غلبتني لأومنن بك ، وفرعون يسمعهما ، وهو الذي نشأ عنه هذا القول .

لتخرجوا منها أهلها ; أي : القبط ، وتخلص هي لك ولبني إسرائيل ، وهاتان شبهتان ألقاهما إلى أسماع عوام القبط عند معاينتهم لارتفاع أعلام المعجزة ، ومشاهدتهم لخضوع أعناق السحرة لها ، وعدم تمالكهم من أن يؤمنوا بها ، ليمنعهم بهما عن الإيمان بنبوة موسى عليه الصلاة والسلام ، بإراءة أن إيمان السحرة مبني على المواضعة بينهم وبين موسى ، وأن غرضهم بذلك إخراج القوم من المدينة وإبطال ملكهم ، ومعلوم أن مفارقة الأوطان المألوفة والنعمة المعروفة مما لا يطاق به ، فجمع اللعين بين الشبهتين تثبيتا للقبط على ما هم عليه ، وتهييجا لعداوتهم له عليه الصلاة والسلام .

ثم عقبهما بالوعيد ليريهم أن له قوة وقدرة على المدافعة ، فقال فسوف تعلمون ; أي : عاقبة ما فعلتم ، وهذا وعيد ساقه بطريق الإجمال للتهويل .

التالي السابق


الخدمات العلمية