صفحة جزء
ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون

ألم يأتهم أي: المنافقين نبأ الذين من قبلهم أي: خبرهم الذي له شأن، وهو ما فعلوا وما فعل بهم، والاستفهام للتقرير والتحذير قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين وهم قوم شعيب والمؤتفكات قريات قوم لوط ، ائتفكت بهم أي: انقلبت بهم، فصار عاليها سافلها، وأمطروا حجارة من سجيل، وقيل: قريات المكذبين، وائتفاكهن انقلاب أحوالهن من الخير إلى الشر.

أتتهم رسلهم بالبينات استئناف لبيان نبئهم فما كان الله ليظلمهم الفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام، أي: فكذبوهم فأهلكهم الله تعالى فما ظلمهم بذلك، وإيثار ما عليه النظم الكريم للمبالغة في تنزيه ساحة السبحان عن الظلم، أي: ما صح وما استقام له أن يظلمهم، ولكنهم ظلموا أنفسهم، والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل في قوله عز وجل: ولكن كانوا أنفسهم يظلمون للدلالة على استمرار ظلمهم، حيث لم يزالوا يعرضونها للعقاب بالكفر والتكذيب، وتقديم المفعول لمجرد الاهتمام به مع مراعاة الفاصلة من غير قصد إلى قصر المظلومية عليهم على رأي من لا يرى التقديم موجبا للقصر، فيكون كما في قوله تعالى: وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم من غير قصر للظلم على الفاعل أو المفعول، وسيجيء لهذا مزيد بيان في قوله سبحانه: إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون

التالي السابق


الخدمات العلمية