صفحة جزء
متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون

متاع في الدنيا كلام مستأنف سيق لبيان أن ما يتراءى فيهم بحسب الظاهر من نيل المطالب والفوز بالحظوظ الدنيوية على الإطلاق - أو في ضمن افترائهم - بمعزل من أن يكون من جنس الفلاح، كأنه قيل: كيف لا يفلحون وهم في غبطة ونعيم؟ فقيل: هو متاع يسير في الدنيا وليس بفوز بالمطلوب، ثم أشير إلى انتفاء النجاة عن المكروه أيضا بقوله عز وعلا: ثم إلينا مرجعهم أي: بالموت.

ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون فيبقون في الشقاء المؤبد بسبب كفرهم المستمر، أو بكفرهم في الدنيا فأين هم من الفلاح، وقيل: المبتدأ المحذوف حياتهم، أو تقلبهم، وقد قيل: إنه افتراؤهم ولا يخفي أن المتاع إنما يطلق على ما يكون مطبوعا عند النفس، مرغوبا فيه في نفسه، يتمتع وينتفع به، وإنما عدم الاعتداد به لسرعة زواله، ونفس الافتراء عليه سبحانه أقبح القبائح عند النفس فضلا عن أن يكون مطبوعا عندها، وعده كذلك باعتبار إجراء حكم ما يؤدي إليه من رياستهم عليه مما لا وجه له فالوجه ما ذكر أولا، وليس ببعيد ما قيل: إن المحذوف هو الخبر، أي: لهم متاع، والآية إما مسوقة من جهة الله تعالى لتحقيق عدم إفلاحهم غير داخلة في الكلام المأمور به، كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى: "ثم إلينا" وقوله تعالى: "ثم نذيقهم" وإما داخلة فيه على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مأمور بنقله وحكايته عنه عز وجل.

[ ص: 164 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية