صفحة جزء
[ ص: 169 ] قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين

قالوا أجئتنا ... إلخ، مسوق لبيان أنه - صلى الله عليه وسلم - ألقمهم الحجر، فانقطعوا عن الإتيان بكلام له تعلق بكلامه - صلى الله عليه وسلم - فضلا عن الجواب الصحيح، واضطروا إلى التشبت بذيل التقليد الذي هو دأب كل عاجز محجوج، وديدن كل معاند لجوج، على أنه استئناف وقع جوابا عما قبله من كلامه - صلى الله عليه وسلم - على طريقة قوله تعالى: قال موسى ... إلخ، حسبما أشير إليه كأنه قيل: فماذا قالوا لموسى عليه السلام عندما قال لهم ما قال؟ فقيل: قالوا عاجزين عن المحاجة: أجئتنا لتلفتنا أي: لتصرفنا، فإن الفتل واللفت أخوان عما وجدنا عليه آباءنا أي: من عبادة الأصنام، ولا ريب في أن ذلك إنما يتسنى بكون ما ذكر من تتمة كلامه - عليه السلام - على الوجه الذي شرح، إذ على تقدير كونه محكيا من قبلهم يكون جوابه - عليه السلام - خاليا عن التبكيت الملجئ لهم إلى العدول عن سنن المحاجة، ولا ريب في أنه لا علاقة بين قولهم "أجئتنا" إلخ، وبين إنكاره - عليه السلام - لما حكي عنهم مصححة لكونه جوابا عنه وتكون لكما الكبرياء أي: الملك، أو التكبر على الناس باستتباعهم، وقرئ (ويكون) بالياء التحتانية، وكلمة "في" في قوله تعالى: في الأرض أي: أرض مصر متعلقة بـ(تكون) أو بـ(الكبرياء) أو بالاستقرار في (لكما ) لوقوعه خبرا، أو بمحذوف وقع حالا من (الكبرياء) أو من الضمير في (لكما) لتحمله إياه وما نحن لكما بمؤمنين أي: بمصدقين فيما جئتما به، وتثنية الضمير في هذين الموضعين بعد إفراده فيما تقدم من المقامين باعتبار شمول الكبرياء لهما - عليهما السلام - واستلزام التصديق لأحدهما التصديق للآخر، وأما اللفت والمجيء له فحيث كانا من خصائص صاحب الشريعة أسند إلى موسى - عليه السلام - خاصة.

التالي السابق


الخدمات العلمية