صفحة جزء
إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم .

قوله (تعالى): إلا الذين تابوا ؛ أي: عن الكتمان؛ وأصلحوا ؛ أي: ما أفسدوا؛ بأن أزالوا الكلام المحرف؛ وكتبوا مكانه ما كانوا أزالوه عند التحريف؛ وبينوا ؛ للناس معانيه؛ فإنه غير الإصلاح المذكور؛ أو بينوا لهم ما وقع منهم أولا؛ وآخرا؛ فإنه أدخل في إرشاد الناس إلى الحق؛ وصرفهم عن طريق الضلال؛ الذي كانوا أوقعوهم فيه؛ أو بينوا توبتهم ليمحوا به سمة ما كانوا فيه؛ ويقتدي بهم أضرابهم؛ [ ص: 183 ] وحيث كانت هذه التوبة المقرونة بالإصلاح؛ والتبيين؛ مستلزمة للتوبة عن الكفر؛ مبنية عليها؛ لم يصرح بالإيمان؛ وقوله (تعالى): أولئك : إشارة إلى الموصول؛ باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة للإشعار بعليته للحكم؛ والفاء لتأكيد ذلك؛ أتوب عليهم ؛ أي: بالقبول؛ وإفاضة المغفرة؛ والرحمة. وقوله (تعالى): وأنا التواب الرحيم ؛ أي: المبالغ في قبول التوب؛ ونشر الرحمة؛ اعتراض تذييلي؛ محقق لمضمون ما قبله؛ والالتفات إلى التكلم للافتنان في النظم الكريم؛ مع ما فيه من التلويح؛ والرمز إلى ما مر من اختلاف المبدإ في فعليه (تعالى)؛ السابق؛ واللاحق.

التالي السابق


الخدمات العلمية