صفحة جزء
هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب

هذا أي: ما ذكر من قوله سبحانه: ولا تحسبن الله غافلا إلى سريع الحساب . بلاغ كفاية في العظة، والتذكير من غير حاجة إلى ما انطوى عليه السورة الكريمة، أو كل القرآن المجيد من فنون العظات، والقوارع للناس للكفار خاصة، على تقدير: اختصاص الإنذار بهم في قوله تعالى: وأنذر الناس أو لهم وللمؤمنين كافة على تقدير: شموله لهم أيضا، وإن كان ما شرح مختصا بالظالمين. ولينذروا به عطف على مقدر. واللام متعلقة بالبلاغ، أي: كفاية لهم في أن ينصحوا، وينذروا به، أو هذا بلاغ لهم ليفهموه، ولينذروا به، على أن البلاغ بمعنى: الإبلاغ كما في قوله تعالى: ما على الرسول إلا البلاغ ، أو متعلقة بمحذوف، أي: ولينذروا به أنزل، أو تلي ، وقرئ: لينذروا به من نذر الشيء، إذا علمه وحذره واستعد له. وليعلموا بالتأمل فيما فيه من الدلائل الواضحة التي هي إهلاك الأمم، وإسكان آخرين مساكنهم وغيرهما مما سبق ولحق أنما هو إله واحد لا شريك له، وتقديم الإنذار; لأنه الداعي إلى التأمل المؤدي إلى ما هو غاية له من العلم المذكور، والتذكير في قوله تعالى: وليذكر أولو الألباب أي: ليتذكروا ما كانوا يعملونه من قبل من التوحيد، وغيره من شئون الله عز وجل. ومعاملته مع عباده، فيرتدعوا عما يرديهم من الصفات التي يتصف بها الكفار، ويتدرعوا بما يحظيهم من العقائد الحقة، والأعمال الصالحة. وفي تخصيص التذكر بأولي الألباب تلويح باختصاص العلم بالكفار، ودلالة على أن المشار إليه بهذا ما ذكرنا من القوارع المسوقة لشأنهم لا كل السورة المشتملة عليها، وعلى ما سبق للمؤمنين أيضا، فإن فيه ما يفيدهم فائدة جديدة، وحيث كان ما يفيده البلاغ من التوحيد، وما يترتب عليه من الأحكام بالنسبة إلى الكفرة أمرا حادثا. وبالنسبة إلى أولي الألباب الثبات على ذلك، حسبما أشير إليه عبر عن الأول: بالعلم. وعن الثاني: بالتذكير. وروعي ترتيب الوجود مع ما فيه من الختم بالحسنى، والله سبحانه أعلم ، ختم الله لنا بالسعادة والحسنى، ورزقنا الفوز بمرضاته في الأولى والعقبى آمين. عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من قرأ سورة إبراهيم أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام، ومن لم يعبده ". والحمد لله وحده.

التالي السابق


الخدمات العلمية