صفحة جزء
فسجد الملائكة كلهم أجمعون

فسجد الملائكة أي: فخلقه فسواه، فنفخ فيه الروح فسجد الملائكة كلهم بحيث لم يشذ منهم أحد أجمعون بحيث لم يتأخر في ذلك أحد منهم عن أحد، ولا اختصاص لإفادة هذا المعنى بالحالية، بل يفيده التأكيد أيضا، فإن الاشتقاق الواضح يرشد إلى أن فيه معنى الجمع والمعية، بحسب الوضع ، والأصل في الخطاب التنزيل على أكمل أحوال الشيء، ولا ريب في أن السجود معا أكمل أصناف السجود، لكن شاع استعماله تأكيدا، وأقيم مقام كل في إفادة معنى الإحاطة من غير نظر إلى الكمال ، فإذا فهمت الإحاطة من لفظ آخر لم يكن بد من مراعاة الأصل صونا للكلام عن الإلغاء. وقيل: أكد بتأكيدين مبالغة في التعميم هذا، وأما أن سجودهم هذا هل ترتب على ما حكي من الأمر التعليقي، كما تقتضيه هذه الآية الكريمة، والتي في سورة ص، أو على الأمر التنجيزي كما يستدعيه ما في غيرهما؟ فقد خرجنا بفضل الله عز وجل عن عهدة تحقيقه في تفسير سورة البقرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية