صفحة جزء
واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين .

واقتلوهم حيث ثقفتموهم ؛ أي: حيث وجدتموهم؛ من حل؛ أو حرم؛ وأصل "الثقف": "الحذق"؛ في إدراك الشيء؛ علما؛ أو عملا؛ وفيه معنى الغلبة؛ ولذلك استعمل فيها؛ قال:


فإما تثقفوني فاقتلوني ... فمن أثقف فليس إلى خلود



وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ؛ أي: من مكة؛ وقد فعل بهم ذلك؛ يوم الفتح؛ بمن لم يسلم من كفارها؛ والفتنة أشد من القتل ؛ أي: المحنة التي يفتتن بها الإنسان؛ كالإخراج من الوطن؛ أصعب من القتل؛ لدوام تعبها؛ وبقاء تألم النفس بها؛ وقيل: شركهم في الحرم؛ وصدهم لكم عنه؛ أشد من قتلكم إياهم فيه؛ ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام ؛ أي: لا تفاتحوهم بالقتل هناك؛ ولا تهتكوا حرمة المسجد الحرام؛ حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم ؛ ثمة؛ فاقتلوهم ؛ فيه؛ ولا تبالوا بقتالهم ثمة؛ لأنهم الذين هتكوا حرمته؛ فاستحقوا أشد العذاب؛ وفي العدول عن صيغة المفاعلة التي بها ورد النهي؛ والشرط؛ عدة بالنصر؛ والغلبة؛ وقرئ: "ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم فاقتلوهم"؛ والمعنى: حتى يقتلوا بعضكم؛ كقولهم: قتلتنا بنو أسد؛ كذلك جزاء الكافرين ؛ يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية