صفحة جزء
[ ص: 2 ] 20 - سورة طه

(مكية وآياتها مائة وخمس وثلاثون )

بسم الله الرحمن الرحيم

طه (سورة طه مكية إلا آيتي [130 و 131] فمدنيتان وآياتها [135] )

بسم الله الرحمن الرحيم طه فضمهما قالون ، وابن كثير ، وابن عامر ، وحفص ، ويعقوب على الأصل . والطاء وحده أبو عمرو ، وورش لاستعلائه ، وأمالهما الباقون . وهو من الفواتح التي يصدر بها السور الكريمة ، وعليه جمهور المتقنين . وقيل : معناه : يا رجل ، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والحسن ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وعكرمة ، والكلبي ، إلا أنه عند سعيد على اللغة النبطية ، وعند قتادة على السريانية ، وعند عكرمة على الحبشية ، وعند الكلبي على لغة عكا ، وقيل : عكل ، وهي لغة يمانية ، قالوا : إن صح فلعل أصله يا هذا ، فتصرفوا فيه بقلب الياء طاء ، وحذف ذا من هذا ، وما استشهد به من قول الشاعر :


إن السفاهة طه في خلائقكم لا قدس الله أخلاق الملاعين



ليس بنص في ذلك لجواز كونه قسما ، كما في حم لا ينصرون . وقد جوز أن يكون الأصل طأها بصيغة الأمر من الوطء فقلبت الهمزة في يطأ ألفا لانفتاح ما قبلها ، كما في قول من قال : لا هناك المرتع ، وها ضمير الأرض على أنه خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يطأ الأرض بقدميه لما كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه مبالغة في المجاهدة ، ولكن يأباه كتابتهما على صورة الحرف كما تأبى التفسير بيا رجل ، فإن الكتابة على صور الحرف مع كون التلفظ بخلافه من خصائص حروف المعجم . وقرئ "طه" إما على أن أصله طأ ، فقلب همزته هاء كما في أمثال : هرقت ، أو قلبت الهمزة في يطأ ألفا كما مر ثم بني منه الأمر وألحق به هاء السكت ، وإما على أنه اكتفى في التلفظ بشطري الاسمين وأقيما مقامهما في الدلالة على المسميين ، فكأنهما اسماهما الدالان عليهما وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول من قال . أو اكتفى بشطري الكلمتين وعبر عنهما باسمهما ، وإلا فالشطران لم يذكرا من حيث إنهما مسميان لاسميهما ليقعا معبرا عنهما ، بل من حيث إنهما جزءان لهما قد اكتفي بذكرهما عن ذكرهما ، ولذلك وقع التلفظ بأنفسهما لا باسميهما ، بأن يراد بضمير التثنية في الموضعين الشطران من حيث هما مسميان لا من حيث هما جزءان للاسمين ، ويراد باسمهما الشطران من حيث هما قائمان مقام الاسمين . فالمعنى اكتفي في التلفظ بشطري الكلمتين أي: الاسمين فعبر عنهما - أي: عن الشطرين - من حيث هما مسميان بهما من حيث هما قائمان مقام الاسمين . وأما حمله على معنى أنه اكتفي في الكتابة بشطري الكلمتين يعني طا على تقديري كونه أمرا وكونه حرف نداء ، وها على تقديري كونها كناية عن الأرض وكونها حرف تنبيه وعدل عن ذينك الشطرين في التلفظ باسمهما ، فبين البطلان كيف وطاؤها على ما ذكر من التقادير ليسا باسمين للحرفين المذكورين بل الأول [ ص: 3 ] أمر أو حرف نداء ، والثاني ضمير الأرض أو حرف تنبيه ، على أن كتابة صورة الحرف والتلفظ بغيره من خواص حروف المعجم كما مر ، فالحق ما سلف من أنها من الفواتح ، إما مسرودة على نمط التعديد بأحد الوجهين المذكورين في مطلع (سورة البقرة ) فلا محل لها من الإعراب .

وكذا ما بعدها من قوله تعالى :

التالي السابق


الخدمات العلمية