صفحة جزء
يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى

يا بني إسرائيل حكاية لما خاطبهم الله تعالى بعد إغراق فرعون وقومه وإنجائهم منهم ، لكن لا عقيب ذلك ، بل بعد ما أفاض عليهم من فنون النعم الدينية والدنيوية ما أفاض . وقيل : هو إنشاء خطاب للذين كانوا منهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على معنى أنه تعالى قد من عليهم بما فعل بآبائهم أصالة وبهم تبعا ، ويرده ما سيأتي من قوله تعالى : "وما أعجلك..." الآية ، ضرورة استحالة حمله على الإنشاء ، فالوجه [ ص: 33 ] هو الحكاية بتقدير : "قلنا" عطفا على "أوحينا" أي : وقلنا يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم فرعون وقومه ، حيث كانوا يبغونكم الغوائل يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم . وقرئ : "نجيناكم" و "نجيتكم" .

وواعدناكم جانب الطور الأيمن بالنصب على أنه صفة للمضاف ، وقرئ بالجر للجوار ، أي : واعدناكم بواسطة نبيكم إتيان جانبه الأيمن نظرا إلى السالك من مصر إلى الشام ، أي : إتيان موسى عليه الصلاة والسلام للمناجاة ، وإنزال التوراة عليه . ونسبت المواعدة إليهم مع كونها لموسى عليه الصلاة والسلام ، نظرا إلى ملابستها إياهم وسراية منفعتها إليهم وإيفاء لمقام الامتنان حقه ، كما في قوله تعالى : ولقد خلقناكم ثم صورناكم حيث نسب الخلق والتصوير إلى المخاطبين ، مع أن المخلوق المصور بالذات هو آدم عليه الصلاة والسلام . وقرئ : "واعدتكم" و " وعدناكم" .

ونزلنا عليكم المن والسلوى أي : الترنجبين والسمانى ، حيث كان ينزل عليهم المن وهم في التيه مثل الثلج من الفجر إلى الطلوع ، لكل إنسان صاع ، وتبعث الجنوب عليهم السمانى، فيذبح الرجل منه ما يكفيه كما مر مرارا .

التالي السابق


الخدمات العلمية