وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وشجرة بالنصب عطف على "جنات" ، وقرئ بالرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف دل عليه ما قبله ، أي : ومما أنشئ لكم به شجرة ، وتخصيصها بالذكر من بين الأشجار لاستقلالها بمنافع معروفة ، قيل : هي أول شجرة نبتت بعد الطوفان . وقوله تعالى : 
تخرج من طور سيناء وهو جبل 
موسى  عليه السلام بين 
مصر  وأيلة  ، وقيل 
بفلسطين  ، ويقال له : طور سينين ، فإما أن يكون الطور اسم الجبل 
وسيناء  اسم البقعة أضيف إليها ، أو المركب منهما علم له 
كامرئ القيس   . ومنع صرفه على قراءة من كسر السين للتعريف والعجمة ، أو التأنيث على تأويل البقعة لا للألف لأنه فيعال كديماس من السناء بالمد وهو الرفعة ، أو بالقصر وهو النور ، أو ملحق بفعلان كعلباء من السين إذ لا فعلاء بألف التأنيث ، بخلاف سيناء فإنه فيعال ككيسان ، أو فعلاء كصحراء ، إذ لا فعلال في كلامهم ، وقرئ بالكسر والقصر . والجملة صفة لشجرة وتخصيصها بالخروج منه مع خروجها من سائر البقاع أيضا لتعظيمها ولأنه المنشأ الأصلي لها . 
وقوله تعالى : 
تنبت بالدهن صفة أخرى لشجرة ، والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا منها ، أي : تنبت ملتبسة به . ويجوز كونها صلة معدية ، أي : تنبته بمعنى : تتضمنه وتحصله ، فإن النبات حقيقة صفة للشجرة لا للدهن . وقرئ : تنبت من الإفعال وهو إما من الإنبات بمعنى : النبات كما في قول زهير : 
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم  .... قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل 
أو على تقدير : تنبت زيتونها ملتبسا بالدهن . وقرئ على البناء للمفعول وهو كالأول وتثمر بالدهن وتخرج بالدهن وتنبت بالدهان . 
وصبغ للآكلين معطوف على الدهن جار على إعرابه عطف أحد وصفي الشيء على  
[ ص: 129 ] الآخر ، أي : تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به ويسرج منه ، وكونه إداما يصبغ فيه الخبز ، أي : يغمس فيه للائتدام . وقرئ : "وصباغ" كدباغ في دبغ .