صفحة جزء
الذي خلقني فهو يهدين

وقوله تعالى : الذي خلقني صفة لرب العالمين وجعله مبتدأ وما بعده خبرا غير حقيق بجزالة التنزيل ، وإنما وصفه تعالى بذلك وبما عطفه عليه مع اندراج الكل تحت ربوبيته تعالى للعالمين تصريحا بالنعم الخاصة به عليه الصلاة والسلام وتفصيلا لها لكونها أدخل في اقتضاء تخصيص العبادة به تعالى . وقصر الالتجاء في جلب المنافع الدينية والدنيوية المضار العاجلة والآجلة عليه تعالى .

[ ص: 249 ] فهو يهدين أي : هو يهديني وحده إلى كل ما يهمني ويصلحني من امور الدين والدنيا هداية متصلة بحين الخلق ونفخ الروح متجددة على الاستمرار كما ينبئ عنه الفاء وصيغة المضارع ، فإنه تعالى يهدي كل ما خلقه لما خلق له من امور المعاش والمعاد هداية متدرجة من مبدأ إيجاده إلى منتهى أجله يتمكن بها من جلب منافعه ودفع مضاره إما طبعا ، وإما اختيارا . مبدؤها بالنسبة إلى الإنسان هداية الجنين لامتصاص دم الطمث ، ومنتهاها الهداية إلى طريق الجنة والتنعم بنعيمها المقيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية