صفحة جزء
فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير

فسقى لهما رحمة عليهما، والكلام في حذف مفعوله كما مر آنفا. روي أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله إلا سبعة رجال، وقيل: عشرة، وقيل: أربعون، وقيل: مائة. فأفله وحده مع ما كان به من الوصب والجراحة والجوع، ولعله [ ص: 9 ] عليه الصلاة والسلام زاحمهم في السقي لهما، فوضعوا الحجر على البئر لتعجيزه عليه الصلاة والسلام عن ذلك. فإن الظاهر أنه عليه الصلاة والسلام غب ما شاهد حالهما سارع إلى السقي لهما. وقد روي: أنه دفعهم عن الماء إلى أن سقى لهما، وقيل: كانت هناك بئر أخرى عليها الصخرة المذكورة. وروي أنه عليه الصلاة والسلام سألهم دلوا من ماء فأعطوه دلوهم، وقالوا: استق بها، وكان لا ينزعها إلا أربعون فاستقى بها، وصبها في الحوض، ودعا بالبركة. وروى غنمهما، وأصدرهما. ثم تولى إلى الظل الذي كان هناك. فقال رب إني لما أنزلت إلي أي: أي شيء أنزلته إلي من خير جل، أو قل، وحمله الأكثرون على الطعام بمعونة المقام. فقير أي: محتاج. ولتضمنه معنى السؤال والطلب جيء بلام الدعامة لتقوية العمل، وقيل المعنى لما أنزلت إلي من خير عظيم هو خير الدارين صرت فقيرا في الدنيا; لأنه كان في سعة من العيش عند فرعون قاله عليه الصلاة والسلام; إظهارا للبجح، والشكر على ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية