صفحة جزء
ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون

ومصدقا لما بين يدي من التوراة [ ص: 40 ] عطف على المضمر الذي تعلق به قوله تعالى: "بآية" أي: قد جئتكم ملتبسا بآية إلخ... ومصدقا لما بين يدي إلخ... أو على "رسولا" على الأوجه الثلاثة، فإن "مصدقا" فيه معنى النطق كما في "رسولا" أي: ويجعله مصدقا ناطقا بأني أصدق إلخ... أو و يقول أرسلت رسولا بأني قد جئتكم إلخ ومصدقا إلخ أو حال كونه مصدقا ناطقا بأني أصدق إلخ أو منصوب بإضمار فعل دل عليه "قد جئتكم" أي: وجئتكم مصدقا إلخ وقوله: "من التوراة" إما حال من الموصول والعامل "مصدقا" وإما من ضميره المستتر في الظرف الواقع صلة و العامل الاستقرار المضمر في الظرف أو نفس الظرف لقيامه مقام الفعل.

ولأحل لكم معمول لمضمر دل عليه ما قبله أي: وجئتكم لأحل إلخ وقيل: عطف على معنى "مصدقا" كقولهم: جئته معتذرا ولأجتلب رضاه، كأنه قيل: قد جئتكم لأصدق ولأحل إلخ وقيل: عطف على "بآية" أي: قد جئتكم بآية من ربكم ولأحل لكم. بعض الذي حرم عليكم أي: في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام من الشحوم والثروب والسمك ولحوم الإبل والعمل في السبت. قيل: أحل لهم من السمك والطير ما لا صئصئة له، و اختلف في إحلال السبت. وقرئ "حرم" على تسمية الفاعل وهو ما بين يدي أو الله عز وجل. وقرئ "حرم" بوزن كرم، وهذا يدل على أن شرعه كان ناسخا لبعض أحكام التوراة، ولا يخل ذلك بكونه مصدقا لها لما أن النسخ في الحقيقة بيان وتخصيص في الأزمان، وتأخير المفعول عن الجار والمجرور لما مر مرارا من المبادرة إلى ذكر ما يسر المخاطبين والتشويق إلى ما أخر. وجئتكم بآية من ربكم شاهدة على صحة رسالتي. وقرئ "بآيات". فاتقوا الله في عدم قبولها ومخالفة مدلولها. وأطيعون فيما آمركم به وأنهاكم عنه بأمر الله تعالى وتلك الآية هي قولي.

التالي السابق


الخدمات العلمية