صفحة جزء
خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم

خلق السماوات بغير عمد ... إلخ. استئناف مسوق للاستشهاد بما فصل فيه على عزته تعالى التي هي كمال القدرة، وحكمته التي هي كمال العلم، وتمهيد قاعدة التوحيد وتقريره، وإبطال أمر الإشراك، وتبكيت أهله. والعمد جمع عماد، كأهب جمع إهاب، وهو ما يعمد به، أي: يسند. يقال: عمدت الحائط إذا دعمته، أي: بغير دعائم على أن الجمع لتعدد السماوات. وقوله تعالى: ترونها استئناف جيء به للاستشهاد على ما ذكر من خلقه تعالى لها غير معهودة بمشاهدتهم لها كذلك، أو صفة لـ عمد، أي: خلقها بغير عمد مرئية على أن التقييد للرمز إلى أنه تعالى عمدها بعمد لا ترونها هي عمد القدرة وألقى في الأرض رواسي بيان لصنعه البديع في قرار الأرض إثر بيان صنعه الحكيم في قرار السماوات، أي: ألقى فيها جبالا ثوابت، وقد مر ما فيه من الكلام في سورة الرعد. أن تميد بكم كراهة أن تميل بكم فإن بساطة أجزائها تقتضي تبدل أحيازها، وأوضاعها; لامتناع اختصاص كل منها لذاته، أو لشيء من لوازمه بحيز معين، ووضع مخصوص. وبث فيها من كل دابة من كل نوع من أنواعها. وأنزلنا من السماء ماء هو المطر. فأنبتنا فيها بسبب ذلك الماء. من كل زوج كريم من كل صنف كثير المنافع. والالتفات إلى نون العظمة في الفعلين لإبراز مزيد الاعتناء بأمرها.

التالي السابق


الخدمات العلمية