صفحة جزء
ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير

ولسليمان الريح أي: وسخرنا له الريح. وقرئ برفع الريح، أي "ولسليمان الريح مسخرة"، وقرئ: (الرياح). غدوها شهر ورواحها شهر أي: جريها بالغداة مسيرة شهر وجريها بالعشي كذلك. والجملة إما مستأنفة، أو حال من الريح. وقرئ: (غدوتها) و (روحتها). وعن الحسن رحمه الله كان يغدو، أي: من دمشق فيقيل بإصطخر ثم يروح، فيكون رواحه بكابل، وقيل: كان يتغدى بالري، ويتعشى بسمرقند. ويحكى أن بعضهم رأى مكتوبا في منزل بناحية دجلة كتبه بعض أصحاب سليمان عليه السلام: نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من إصطخر، فقلناه ونحن رائحون منه فبايتون بالشام إن شاء الله تعالى.

وأسلنا له عين القطر أي: النحاس المذاب، أساله من معدنه، كما آلان الحديد لداود عليهما السلام، فنبع منه نبوع الماء من الينبوع، ولذلك سمي عينا. وكان ذلك باليمن، وقيل: كان يسيل في الشهر ثلاثة أيام، وقوله تعالى: ومن الجن من يعمل بين يديه إما جملة من مبتدأ وخبر، أو "من يعمل" عطف على الريح، و "من الجن" حال متقدمة. بإذن ربه بأمره تعالى. كما ينبئ عنه قوله تعالى: ومن يزغ منهم عن أمرنا أي: ومن يعدل منهم عما أمرناه به من طاعة سليمان، وقرئ: (يزغ) على البناء للمفعول من أزاغه. نذقه من عذاب السعير أي: عذاب النار في الآخرة. روي عن السدي رحمه الله كان معه ملك بيده سوط من نار كل من استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجني.

التالي السابق


الخدمات العلمية