صفحة جزء
أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب

أجعل الآلهة إلها واحدا بأن نفى الألوهية عنهم، وقصرها على واحد . إن هذا لشيء عجاب بليغ في العجب، وذلك لأنه خلاف ما ألفوا عليه آباءهم الذين أجمعوا على ألوهيتهم، [ ص: 215 ] وواظبوا على عبادتهم كابرا عن كابر، فإن هذا مدار كل ما يأتون وما يذرون من أمور دينهم هو التقليد، والاعتياد فيعدون ما يخالف ما اعتادوه عجيبا بل محالا، وأما جعل مدار تعجبهم عدم وفاء علم الواحد، وقدرته بالأشياء الكثيرة فلا وجه له لما أنهم لا يدعون أن لآلهتهم علما، وقدرة، ومدخلا في حدوث شيء من الأشياء حتى يلزم من نفي ألوهيتهم بقاء الآثار بلا مؤثر . وقرئ : ( عجاب ) بالتشديد، وهو أبلغ ككرام وكرام . روي أنه لما أسلم عمر رضي الله عنه شق ذلك على قريش فاجتمع خمسة وعشرون من صناديدهم، فأتوا أبا طالب فقالوا : أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وقد جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك . فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال : يا ابن أخي، هؤلاء قومك يسألونك السؤال، فلا تمل كل الميل على قومك . فقال صلى الله عليه وسلم : ماذا تسألونني ؟ قالوا : رفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطي أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم ؟ قالوا : نعم، وعشرا . فقال : قولوا لا إله إلا الله . فقاموا، وقالوا ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية