الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون

الذين آتيناهم الكتاب جواب عما سبق من قولهم : لقد سألنا عنك اليهود والنصارى ، أخر عن تعيين الشهيد ; مسارعة إلى إلزامهم بالجواب عن تحكمهم بقولهم : فأرنا من يشهد لك ؟ ... إلخ .

والمراد بالموصول : اليهود والنصارى ، وبالكتاب : الجنس المنتظم للتوراة والإنجيل .

وإيرادهم بعنوان إيتاء الكتاب ; للإيذان بمدار ما أسند إليهم بقوله تعالى : يعرفونه ; أي : يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة الكتابين بحليته ، ونعوته المذكورة فيهما .

كما يعرفون أبناءهم بحلاهم ، بحيث لا يشكون في ذلك أصلا . روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=106لعبد الله بن سلام : أنزل الله تعالى على نبيه هذه الآية ، وكيف هذه المعرفة ؟ فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ; لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابني ، ولأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني ; لأني لا أدري ما صنع النساء ، وأشهد أنه حق من الله تعالى .

الذين خسروا أنفسهم من أهل الكتابين والمشركين ، بأن ضيعوا فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأعرضوا عن البينات الموجبة للإيمان بالكلية .

فهم لا يؤمنون لما أنهم مطبوع على قلوبهم ، ومحل الموصول الرفع على الابتداء ، وخبره الجملة المصدرة بالفاء لشبه الموصول بالشرط .

وقيل : النصب على أنه خبر مبتدأ محذوف ; أي : هم الذين خسروا ... إلخ . وقيل : على أنه نعت للموصول الأول . وقيل : النصب على الذم ، فقوله تعالى : " فهم لا يؤمنون " على الوجوه الأخيرة عطف على جملة " الذين آتيناهم الكتاب " ... إلخ .