انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 
أما وأن لهم قدرة على الاعتذار في الجملة ، وذلك مخل بكمال هول اليوم قطعا على أنه قد قضى ببطلانه قوله تعالى : 
انظر كيف كذبوا على أنفسهم فإنه تعجيب من كذبهم الصريح بإنكار صدور الإشراك عنهم في الدنيا ; أي : انظر كيف كذبوا على أنفسهم في قولهم ذلك ، فإنه أمر عجيب في الغاية ، وأما حمله على كذبهم في الدنيا فتمحل يجب تنزيه ساحة التنزيل عنه . 
وقوله تعالى : 
وضل عنهم ما كانوا يفترون عطف على " 
كذبوا  " ، داخل معه في حكم التعجيب ، و" 
ما  " مصدرية أو موصولة ، قد حذف عائدها ، والمعنى : انظر كيف كذبوا باليمين الفاجرة المغلظة على أنفسهم بإنكار صدور ما صدر عنهم ، وكيف ضل عنهم ; أي : زال وذهب افتراؤهم ، أو ما كانوا يفترونه من الإشراك ، حتى نفوا صدوره عنهم بالكلية وتبرءوا منه بالمرة . 
وقيل : " 
ما  " عبارة عن الشركاء ، وإيقاع الافتراء عليها مع أنه في الحقيقة واقع على أحوالها من الإلهية ، والشركة ، والشفاعة ، ونحوها ، للمبالغة في أمرها ، كأنها نفس المفترى . وقيل : الجملة كلام مستأنف غير داخل في حيز التعجيب .  
[ ص: 121 ]