صفحة جزء
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون

وقوله تعالى : فلما نسوا ما ذكروا به عطف على مقدر ينساق إليه النظم الكريم ; أي : فانهمكوا فيه ، ونسوا ما ذكروا به من البأساء والضراء ، فلما نسوه .

فتحنا عليهم أبواب كل شيء من فنون النعماء على منهاج الاستدراج ، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : " مكر بالقوم ورب الكعبة " . وقرئ : ( فتحنا ) بالتشديد للتكثير ، وفي ترتيب الفتح على النسيان المذكور إشعار بأن التذكر في الجملة غير خال عن النفع .

و" حتى " في قوله تعالى : حتى إذا فرحوا بما أوتوا هي التي يبتدأ بها الكلام ، دخلت على الجملة الشرطية كما في قوله تعالى : حتى إذا جاء أمرنا ... الآية ، ونظائره ، وهي [ ص: 134 ] مع ذلك غاية لقوله تعالى : " فتحنا " ، أو لما يدل هو عليه ، كأنه قيل : ففعلوا ما فعلوا حتى إذا اطمأنوا بما أتيح لهم وبطروا وأشروا .

أخذناهم بغتة ; أي : نزل بهم عذابنا فجأة ، ليكون أشد عليهم وقعا وأفظع هولا .

فإذا هم مبلسون متحسرون غاية الحسرة آيسون ، من كل خير واجمون . وفي الجملة الاسمية دلالة على استقرارهم على تلك الحالة الفظيعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية