صفحة جزء
فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم

فالق الإصباح خبر آخر لإن ، أو لمبتدأ محذوف ، والإصباح مصدر سمي به الصبح ، وقرئ بفتح الهمزة على أنه جمع صبح ; أي : فالق عمود الفجر عن بياض النهار وإسفاره ، أو فالق ظلمة الإصباح ، وهي الغبش الذي يلي الصبح ، وقرئ : ( فالق ) بالنصب على المدح .

وجعل الليل سكنا يسكن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه ، من سكن إليه : إذا اطمأن إليه استئناسا به ، أو يسكن فيه الخلق من قوله تعالى : لتسكنوا فيه .

وقرئ : ( جاعل الليل ) فانتصاب سكنا بفعل دل عليه جاعل . وقيل : بنفسه ، على أن المراد به : الجعل المستمر في الأزمنة المتجددة حسب تجددها ، لا الجعل الماضي فقط . وقيل : اسم الفاعل من الفعل المتعدي إلى اثنين يعمل في الثاني ، وإن كان بمعنى الماضي ; لأنه لما أضيف إلى الأول تعين نصبه للثاني لتعذر الإضافة بعد ذلك . [ ص: 165 ]

والشمس والقمر معطوفان على الليل وعلى القراءة الأخيرة ، قيل : هما معطوفان على محله ، والأحسن نصبهما حينئذ بفعل مقدر ، وقد قرئا بالجر وبالرفع أيضا على الابتداء ، والخبر محذوف ; أي : مجعولان .

حسبانا ; أي : على أدوار مختلفة يحسب بها الأوقات التي نيط بها العبادات والمعاملات ، أو محسوبان حسبانا ، والحسبان بالضم مصدر حسب ، كما أن الحساب بالكسر مصدر حسب .

ذلك إشارة إلى جعلهما كذلك ، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبة المشار إليه وبعد منزلته ; أي : ذلك التيسير البديع .

تقدير العزيز الغالب القاهر الذي لا يستعصي عليه شيء من الأشياء التي من جملتها تسييرهما على الوجه المخصوص .

العليم بجميع المعلومات التي من جملتها ما في ذلك التسيير من المنافع والمصالح ، المتعلقة بمعاش الخلق ومعادهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية