أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أن تقولوا علة لأنزلناه المدلول عليه بالمذكور لا لنفسه ، للزوم الفصل حينئذ بين العامل والمعمول بأجنبي هو مبارك ، وصفا كان أو خبرا ; أي : أنزلناه كذلك كراهة أن تقولوا يوم القيامة : لو لم تنزله . 
إنما أنزل الكتاب الناطق بتلك الأحكام العامة لكل الأمم . 
على طائفتين كائنتين . 
من قبلنا وهما اليهود والنصارى ، وتخصيص الإنزال بكتابيهما ; لأنهما الذي اشتهر حينئذ فيما بين الكتب السماوية بالاشتمال على الأحكام ، لا سيما الأحكام المذكورة . 
وإن كنا  [ ص: 202 ]  " إن " هي المخففة من " إن " ، واللام فارقة بينهما وبين النافية ، وضمير الشأن محذوف ، ومرادهم بذلك : دفع ما يرد عليهم من أن نزوله عليهما لا ينافي عموم أحكامه ، فلم لم تعملوا بأحكامه العامة ; أي : وإنه كنا . 
عن دراستهم لغافلين لا ندري ما في كتابهم ; إذ لم يكن على لغتنا حتى نتلقى منه تلك الأحكام العامة ونحافظ عليها ، وإن لم يكن منزلا علينا ، وبهذا تبين أن معذرتهم هذه مع أنهم غير مأمورين بما في الكتابين لاشتمالهما على الأحكام المذكورة المتناولة لكافة الأمم ، كما أن قطع تلك المعذرة بإنزال القرآن لاشتماله أيضا عليها ، لا على سائر الشرائع والأحكام فقط .