صفحة جزء
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون

يخبر تعالى أنه ضرب في القرآن من جميع الأمثال، أمثال أهل الخير وأمثال أهل الشر، وأمثال التوحيد والشرك، وكل مثل يقرب حقائق الأشياء، والحكمة في ذلك لعلهم يتذكرون عندما نوضح لهم الحق فيعلمون ويعملون.

[ ص: 1518 ] قرآنا عربيا غير ذي عوج أي: جعلناه قرآنا عربيا، واضح الألفاظ، سهل المعاني، خصوصا على العرب. غير ذي عوج أي: ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه، لا في ألفاظه ولا في معانيه، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته كما قال تعالى: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما

لعلهم يتقون الله تعالى، حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية، بهذا القرآن العربي المستقيم، الذي ضرب الله فيه من كل مثل.

ثم ضرب مثلا للشرك والتوحيد فقال: ضرب الله مثلا رجلا أي: عبدا فيه شركاء متشاكسون فهم كثيرون، وليسوا متفقين على أمر من الأمور وحالة من الحالات حتى تمكن راحته، بل هم متشاكسون متنازعون فيه، كل له مطلب يريد تنفيذه ويريد الآخر غيره، فما تظن حال هذا الرجل مع هؤلاء الشركاء المتشاكسين؟

ورجلا سلما لرجل أي: خالصا له، قد عرف مقصود سيده، وحصلت له الراحة التامة. هل يستويان أي: هذان الرجلان مثلا ؟ لا يستويان.

كذلك المشرك، فيه شركاء متشاكسون، يدعو هذا، ثم يدعو هذا، فتراه لا يستقر له قرار، ولا يطمئن قلبه في موضع، والموحد مخلص لربه، قد خلصه الله من الشركة لغيره، فهو في أتم راحة وأكمل طمأنينة، فـ هل يستويان مثلا الحمد لله على تبيين الحق من الباطل، وإرشاد الجهال. بل أكثرهم لا يعلمون

إنك ميت وإنهم ميتون أي: كلكم لا بد أن يموت وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون

ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون فيما تنازعتم فيه، فيفصل بينكم بحكمه العادل، ويجازي كلا ما عمله أحصاه الله ونسوه

التالي السابق


الخدمات العلمية