صفحة جزء
إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم

يخبر تعالى عن حالة المرتدين عن الهدى والإيمان على أعقابهم إلى [ ص: 1662 ] الضلال والكفران، ذلك لا عن دليل دلهم ولا برهان، وإنما هو تسويل من عدوهم الشيطان وتزيين لهم، وإملاء منه لهم: يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا

وذلك أنهم قد تبين لهم الهدى، فزهدوا فيه ورفضوه، و قالوا للذين كرهوا ما نزل الله من المبارزين العداوة لله ولرسوله سنطيعكم في بعض الأمر أي: الذي يوافق أهواءهم، فلذلك عاقبهم الله بالضلال، والإقامة على ما يوصلهم إلى الشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي.

والله يعلم إسرارهم فلذلك فضحهم، وبينها لعباده المؤمنين، لئلا يغتروا بها.

فكيف ترى حالهم الشنيعة، ورؤيتهم الفظيعة إذا توفتهم الملائكة الموكلون بقبض أرواحهم، يضربون وجوههم وأدبارهم بالمقامع الشديدة؟!.

ذلك العذاب الذي استحقوه ونالوه ( بـ ) سبب " أنهم اتبعوا ما أسخط الله " من كل كفر وفسوق وعصيان.

وكرهوا رضوانه فلم يكن لهم رغبة فيما يقربهم إليه، ولا يدنيهم منه، فأحبط أعمالهم أي: أبطلها وأذهبها، وهذا بخلاف من اتبع ما يرضي الله وكره سخطه، فإنه سيكفر عنه سيئاته، ويضاعف أجره وثوابه.

التالي السابق


الخدمات العلمية