صفحة جزء
تفسير سورة عبس

وهي مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى

سبب نزول هذه الآيات الكريمات، أنه جاء رجل من المؤمنين أعمى يسأل النبي صلى الله عليه ويتعلم منه.

وجاءه رجل من الأغنياء، وكان صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، فمال صلى الله عليه وسلم وأصغى إلى الغني، وصد عن الأعمى الفقير، رجاء لهداية ذلك الغني، وطمعا في تزكيته، فعاتبه الله بهذا العتاب اللطيف، فقال: [ ص: 1937 ] عبس أي: في وجهه وتولى في بدنه، لأجل مجيء الأعمى له، ثم ذكر الفائدة في الإقبال عليه، فقال: وما يدريك لعله أي: الأعمى يزكى أي: يتطهر عن الأخلاق الرذيلة، ويتصف بالأخلاق الجميلة؟

أو يذكر فتنفعه الذكرى أي: يتذكر ما ينفعه، فينتفع بتلك الذكرى.

وهذه فائدة كبيرة، هي المقصودة من بعثة الرسل، ووعظ الوعاظ، وتذكير المذكرين، فإقبالك على من جاء بنفسه مفتقرا لذلك مقبلا ، هو الأليق الواجب، وأما تصديك وتعرضك للغني المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير، مع تركك من أهم منه، فإنه لا ينبغي لك، فإنه ليس عليك أن لا يزكى، فلو لم يتزك، فلست بمحاسب على ما عمله من الشر.

فدل هذا على القاعدة المشهورة، أنه:" لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة" وأنه ينبغي الإقبال على طالب العلم، المفتقر إليه، الحريص عليه أزيد من غيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية