صفحة جزء
كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي

[ ص: 1968 ] كلا أي: ليس كل ما أحببتم من الأموال، وتنافستم فيه من اللذات، بباق لكم، بل أمامكم يوم عظيم، وهول جسيم، تدك فيه الأرض والجبال وما عليها حتى تجعل قاعا صفصفا لا عوج فيه ولا أمت. ويجيء الله تعالى لفصل القضاء بين عباده في ظلل من الغمام، ويجيء الملائكة الكرام، أهل السماوات كلهم، صفا صفا أي: صفا بعد صف، كل سماء يجيء ملائكتها صفا، يحيطون بمن دونهم من الخلق، وهذه الصفوف صفوف خضوع وذل للملك الجبار. وجيء يومئذ بجهنم تقودها الملائكة بالسلاسل.

فإذا وقعت هذه الأمور فـ يومئذ يتذكر الإنسان ما قدمه من خير وشر.

وأنى له الذكرى فقد فات أوانها، وذهب زمانها، يقول متحسرا على ما فرط في جنب الله: يا ليتني قدمت لحياتي الباقية الدائمة، عملا صالحا، كما قال تعالى:

يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا . وفي هذا دليل على أن الحياة التي ينبغي السعي في كمالها وتحصيلها وكمالها ، وفي تتميم لذاتها، هي الحياة في دار القرار، فإنها دار الخلد والبقاء.

فيومئذ لا يعذب عذابه أحد لمن أهمل ذلك اليوم ونسي العمل له.

ولا يوثق وثاقه أحد فإنهم يقرنون بسلاسل من نار، ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، فهذا جزاء المجرمين، وأما من آمن بالله واطمأن به وصدق رسله، فيقال له: يا أيتها النفس المطمئنة إلى ذكر الله، الساكنة إلى حبه، التي قرت عينها بالله.

ارجعي إلى ربك الذي رباك بنعمته، وأسدى عليك من إحسانه ما صرت به من أوليائه وأحبابه راضية مرضية أي: راضية عن الله، وعن ما أكرمها به من الثواب، والله قد رضي عنها.

فادخلي في عبادي وادخلي جنتي وهذا تخاطب به الروح يوم القيامة، وتخاطب به وقت السياق والموت.

والحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية