صفحة جزء
إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا

(167) لما أخبر عن رسالة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وأخبر برسالة خاتمهم محمد، وشهد بها وشهدت ملائكته -لزم من ذلك ثبوت الأمر المقرر والمشهود به، فوجب تصديقهم، والإيمان بهم واتباعهم، ثم توعد من كفر بهم [ ص: 384 ] فقال: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أي: جمعوا بين الكفر بأنفسهم وصدهم الناس عن سبيل الله. وهؤلاء هم أئمة الكفر ودعاة الضلال قد ضلوا ضلالا بعيدا وأي ضلال أعظم من ضلال من ضل بنفسه وأضل غيره، فباء بالإثمين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان.

(168-169) ولهذا قال: إن الذين كفروا وظلموا وهذا الظلم هو زيادة على كفرهم، وإلا فالكفر عند إطلاق الظلم يدخل فيه.

والمراد بالظلم هنا أعمال الكفر والاستغراق فيه، فهؤلاء بعيدون من المغفرة والهداية للصراط المستقيم. ولهذا قال: لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم .

وإنما تعذرت المغفرة لهم والهداية لأنهم استمروا في طغيانهم وازدادوا في كفرهم فطبع على قلوبهم وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا وما ربك بظلام للعبيد .

وكان ذلك على الله يسيرا أي: لا يبالي الله بهم ولا يعبأ لأنهم لا يصلحون للخير ولا يليق بهم إلا الحالة التي اختاروها لأنفسهم

التالي السابق


الخدمات العلمية